کد مطلب:239644 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:124

صدی قتل الرضا فی نفس زمن المأمون
و أما اذا راجعنا كتب التاریخ أنفسها ؛ فاننا نستطیع أن نقول : ان استشهاد الامام (ع) بالسم علی ید المأمون كان شائعا و معروفا بین الناس فی ذلك الزمان، أعنی : زمن المأمون نفسه، و متسالما علیه فیما بینهم ..

فلقد تقدم فی الفصل السابق : أن المأمون قد اعترف بأن الناس یتهمونه : بأنه قد اغتاله و قتله بالسم !! .

و ورد أیضا أن الخلق عند وفاة الرضا (ع) اجتمعوا و قالوا : ان هذا قتله و اغتاله - یعنون المأمون -، و اكثروا من القول و الجلبة، حتی أرسل الیهم المأمون محمد بن جعفر، عم أبی الحسن یخبرهم : أن أباالحسن لا یخرج فی ذلك الیوم ؛ خوفا من الفتنة [1] .



[ صفحه 426]



كما و أن عبدالله بن موسی یصرح فی رسالته التی أرسلها الی المأمون بأنه قد بلغه ما فعله بالرضا من اطعامه العنب المسموم، و ستأتی هذه الرسالة بتمامها فی أواخر هذا الكتاب ..

و سئل أبوالصلت الهروی : « كیف طابت نفس المأمون بقتل الرضا مع اكرامه ایاه و محبته له ؟! .» فجاء فی آخر جوابه قوله : « فلما أعیته الحیلة فی أمره اغتاله، فقتله بالسم .. » [2] .

فان هذا السؤال یكشف عن أن ذلك كان معروفا آنذاك بین الناس لكن الناس كانوا فی حیرة من ذلك ؛ بسبب ما كانوا یرونه من اكرام المأمون للرضا (ع) فی الظاهر ..

و عن الطالقانی : « انه كان متی ظهر للمأمون من الرضا علم و فضل، و حسن تدبیر حسده علی ذلك، و حقده علیه، حتی ضاق صدره منه ؛ فغدر به فقتله » .

بل لقد ذكر ابن خلدون : أن سبب خروج ابراهیم ابن الامام موسی (ع) علی المأمون هو أنه اتهم المأمون بقتل أخیه علی الرضا (ع) [3] .

و یؤید ذلك : أنه قد نقل الاتفاق من كل من ترجم لابراهیم هذا علی أنه مات مسموما، و أن المأمون هو الذی دس الیه السم، و قد أنشد ابن السماك الفقیه ، حینما ألحده :



مات الامام المرتضی مسموما

و طوی الزمان فضائلا و علوما



قد مات بالزوراء مظلوما كما

أضحی أبوه بكربلا مظلوما



[ صفحه 427]



الی آخر الأبیات [4] و ابراهیم هذا هو الذی كان قد خرج علی المأمون فی الیمن قبل ذلك أیضا . كما أن المأمون قد دس السم الی أخیة زید ابن موسی [5] ، الذی كان قد خرج علیه قبلا بالبصرة، و ان كان الیعقوبی یذكر أن المأمون قد عفا عن زید و ابراهیم [6] لكن من الواضح أن عفوه عنهما فی الظاهر بسبب خروجهما علیه فی البصرة و الیمن، لا ینافی أنه دس الیهما السم بعد ذلك بأعوام، بسبب مطالبتهما بدم أخیهما الرضا (ع) .

كما أن بعض المصادر التاریخیة تذكر : أن « أحمد بن موسی » أخا الامام الرضا .. لما بلغه غدر المأمون بأخیه الرضا، و كان آنذاك فی بغداد، خرج من بغداد للطلب بثأر أخیه، و كان معه ثلاثه آلاف من العلویة .. و قیل : اثنا عشر ألفا ..

و بعد وقائع جرت بینه و بین « قتلغ خان »، الذی أمره المأمون فیهم بأمره، و الذی كان عاملا للمأمون علی شیراز .. استشهد أصحابه، و استشهد هو، و أخوه « محمد العابد » أیضا [7] .



[ صفحه 428]



و أیضا .. فان شرطة المأمون قد قتلوا « هارون بن موسی» أخا الرضا ؛ حیث ان هارون هذا كان فی القافلة التی كانت تقصد خراسان، و كانت تضم (22) علویا، و علی رأسها السیدة فاطمة أخت الرضا (ع) [8] فأرسل المأمون الی هذه القافلة ؛ فقتل و شرد كل من فیها، و جرحوا هارون المذكور، ثم هجموا علیه و هو یتناول الطعام فقتلوه [9] و أما زعیمة القافلة السیدة فاطمة بنت موسی (ع) ؛ فیقال انها هی الاخری قد دس الیها السم فی ساوة ؛ و لهذا لم تلبث الا أیاما قلیلة و استشدت [10] .

و آخر من یذكره المؤرخون من ضحایا المأمون : « حمزة بن موسی »، أخا الامام (ع) ؛ حیث ذكروا أنه كان من جملة من قتلهم أتباع المأمون [11] .

فیكون المأمون قد قتل ستة، بل سبعة من اخوة الامام (ع) ؛ لأنهم طالبوه بدم أخیهم، أو كادوا . و ألحق بهم ما شاء الله ممن تابعهم، أو خرج معهم ..

و یقول الكاتب الفارسی، علی أكبر تشید : « ان كثیرا من العلویین كانوا قد قصدوا خراسان، أیام تولی الامام العهد من المأمون، لكن أكثرهم لم یصل ؛ و ذلك بسبب استشهاد الامام (ع)، و أمر المأمون الحكام، و أمراء البلاد بقتل، أو القبض علی كل علوی . » [12] .



[ صفحه 429]




[1] مسند الامام الرضا ج 1 ص 130، و البحار ج 49 ص 300 ،299، و عيون أخبار الرضا ج 2 ص 242.

[2] عيون أخبار الرضا ج 2 ص 239، و البحار ج 49 ص 290، و مسند الامام الرضا ج 1 ص 129 ،128.

[3] تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 115.

[4] حياة الامام موسي بن جعفر ج 2 ص 408، و البحار ج 48 ص 278 باختصار . و لكن في وفيات الأعيان ج 1 ص 491 و صفة الصفوة ج 3 ص 177 و الكني و الألقاب ج 1 ص 316، و مرآة الجنان ج 1 ص 393، و الطبري في أحداث سنة 183 : أن وفاة محمد بن السماك كانت سنة 183 ه . و أما وفاة ابراهيم فهي اما سنة 210، أو سنة 213 ؛ فلا يمكن أن يكون ابن السماك هو المتولي لحده، فضلا عن أن ينشد الشعر المذكور .. اللهم الا أن يكون ابن السماك اثنين، أحدهما الفقيه، و الآخر : القصاص، أو لعل هناك تصحيف عمدي، أو عفوي من الراوي.

[5] البحار ج 48 ص 315، و كذا هامش ص 386 منه و شرح ميمية أبي فراس ص 178 و عمدة الطالب ص 221 . و حياة الامام موسي بن جعفر.

[6] مشاكلة الناس لزمانهم ص 29.

[7] راجع : كتاب قيام سادات علوي ص 169 ( فارسي )، و أعيان الشيعة ج 10 من المجلد 11 ص 287 ،286، نقلا عن كتاب : الانساب، لمحمد بن هارون الموسوي النيشابوري . و راجع أيضا : مدينة الحسين ( السلسلة الثانية ) ص 91، و البحار ج 8 ص 308، و حياة الامام موسي بن جعفر ج 2 ص 413 و فرق الشيعة هامش ص 97 عن بحر الأنساب ط بمبي و غير ذلك.

[8] قيام سادات علوي ص 161.

[9] جامع الأنساب ص 56، و قيام سادات علوي ص 161، و حياة الامام موسي بن جعفر ج 2.

[10] قيام سادات علوي ص 168.

[11] حياة الامام موسي بن جعفر ج 2.

[12] قيام سادات علوي ص 160.